الجن مذكور بالقرأن وتوجد سورة كاملة بالقرأن الكريم تحت اسم الجن .. هناك اسباب رئيسية لدخول الجن عالم الانس سنتعرف عليها الاين بالتفصيل
قال
شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله - : ( والجن أعظم شيطنة ، وأقل عقلا ،
وأكثر جهلا ، والجني قد يحب الإنسي كما يحب الإنسي الإنسي ، وكما يحب الرجل
المرأة ، والمرأة الرجل ، ويغار عليه ويخدمه بأشياء ، وإذا صار مع غيره
فقد يعاقبه بالقال وغيره ) ( النبوات – ص 279 ) 0
ومما تقدم يتضح لنا أن الأسباب الرئيسة لصرع الأرواح الخبيثة للإنس مجتمعة في الأمور التالية :
الأول : أسباب من جهة الإنسان نفسه :
وهذه
الأسباب تتأتى إما نتيجة الابتلاء أو العقوبة وإما بسبب تقصير الإنسان
وبعده عن الله سبحانه وتعالى ، وفراغ القلوب من الذكر والدعاء وعدم اللجوء
إليه سبحانه ، وألخص هذه الأسباب بالآتي :
1 ) - أسباب تتعلق بحكمة الله ومشيئته :
أ )- الابتلاء :
قال
صاحبا الكتاب المنظوم فتح الحق المبين : ( أن يكون صرع الجن للإنس نوع
ابتلاء من الله - جل وعلا - فالله سبحانه وتعالى بحكمته بتلي الخلق بأنواع
المصائب والصرع من جملتها ، قال تعالى : ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ
وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) ( سورة الأنبياء – الآية
35 ) 0 وعلى من ابتلي بذلك أن يصبر ويحتسب الأجر والمثوبة من الله مع بذل
الأسباب المشروعة للعلاج ) ( فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين –
ص 79 ) 0
ب )- العقوبة الإلهية :
قال
صاحبا الكتاب المنظوم فتح الحق المبين : ( أن يكون ذلك عقوبة من الله بسبب
اقتراف العبد الذنوب والآثام ، قال تعالى : ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ
مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ) ( سورة
الشورى – الآية 30 ) 0
فكلما
ابتعد الإنسان عن ربه وخالقه استحوذت عليه الشياطين وتسلطت عليه وأصبحت
حياته تعيسة ، قال تعالى : ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ
مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) " سورة طه –
الآية 124 " ) ( فتح الحق المبين – ص 80 ) 0
2) - أسباب تتعلق بالإنسان نفسه :
أ ) - ضعف حظ المبتلى عن الدين والتوكل والتوحيد 0
ب)- خراب القلوب والألسنة من الذكر والدعاء0
ج)- عدم قيام المبتلى بالتعاويذ والتحصينات النبوية 0
د )- يقين الجن والشياطين بعزلة الإنسان من السلاح الذي يستطيع مواجهتهم به والنيل منهم ومن أذاهم وبطشهم 0
يقول
ابن القيم : ( وأكثر تسلط هذه الأرواح على أهله تكون من جهة قلة دينهم
وخراب قلوبهم وألسنتهم من حقائق الذكر والتعاويذ والتحصنات النبوية
والإيمانية ، فتلقى الروح الخبيثة الرجل أعزل لا سلاح معه وربما كان عريانا
فيؤثر فيه ) ( زاد المعاد – 4 / 69 ) 0
ثانيا : أسباب من جهة الجن أنفسهم :
وهذه
الأسباب تعزى للجن أنفسهم ، وقد تكون أسباب ذاتية نتيجة الإيذاء والظلم
ونحوه ، وقد تكون بدوافع أخرى كالسحر والتسليط ونحوه ، ونستطيع أن نحدد تلك
الأسباب بالأمور التالية :
1)- إن صرعهم للإنس قد يكون عن شهوة وهوى وعشق :
كما يتفق للإنس مع الإنس 0
قال
شيخ الإسلام بن تيميه : ( أن يكون صرعهم بسبب العشق والهوى والشهوة ، فما
كان من الباب الأول فهو من الفواحش التي حرمها الله تعالى كما حرم ذلك على
الإنس وإن كان برضى الآخر ، فكيف إذا كان مع كراهته فإنه فاحشة وظلم ،
فيخاطب الجن بذلك ويعرفون أن هذا فاحشة محرمة ، أو فاحشة وعدوان لتقوم
الحجة عليهم بذلك ، ويعلموا أنه يحكم فيهم بحكم الله ورسوله الذي أرسله إلى
الثقلين الجن والإنس ) ( مجموع الفتاوى – 19 / 40 ، وانظر إيضاح الدلالة
في عموم الرسالة – ص 27 ) 0
2)- وقد يكون - وهو الأكثر - عن بغض ومجازاة :
قال
شيخ الإسلام بن تيميه : ( وقد يكون - وهو كثير أو الأكثر - عن بغض ومجازاة
مثل أن يؤذيهم بعض الإنس أو يظنوا أنهم يتعمدوا أذاهم إما ببول على بعضهم
أو بصب ماء حار وإما بقتل بعضهم ، وإن كان الإنسي لا يعرف ذلك ، وفي الجن
جهل وظلم فيعاقبونه بأكثر مما يستحقه ) ( مجموع الفتاوى – 19 / 40 ) 0
وقال
- رحمه الله - : ( وما كان من هذا القسم فإن كان الإنسي لم يعلم فيخاطبون
بأن هذا لم يعلم ، ومن لم يتعمد الأذى لا يستحق العقوبة ، وإن كان قد فعل
ذلك في داره وملكه عرفوا بأن الدار ملكه ، فله أن يتصرف فيها بما يجوز ،
وأنتم ليس لكم أن تمكثوا في ملك الإنس بغير إذنهم بل لكم ما ليس من مساكن
الإنس كالخراب والفلوات ) ( مجموع الفتاوى – 19 / 40 ) 0
وبخصوص هذه المسألة فقد سمعت نقلا عن بعض المعالجين الآتي :
يقول
البعض إن الإنسان إذا سكن منزلا أو دارا وكانت الدار أصلا سكنى للعمار من
الجن فعليه أن يرتحل عن هذا المنزل أو الدار ، أما إذا سكنت الدار من قبل
الجن بعد أن يسكنها الإنسان فعلى الجن في هذه الحالة مفارقة الدار بعد
وعظهم وتبيان ذلك الأمر لهم 0
وفي
اعتقادي أن هذا الأمر فيه نظر وهو مخالف للصواب لأن السكنى لا تكون إلا
للإنس وأما أماكن تواجد الجن فهي الفلوات والحشوش والمزابل ونحوها ، كما
ثبت في الأحاديث النقلية الصحيحة وكما أشار لذلك علماء الأمة الأجلاء ،
ويعتبر هذا ظلم من الجن في كلا الحالين ولا بد من رفعه عن ساكني هذه البيوت
، وعلى المعالج في هذه الحالة أن يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة ويبين
لهم عدم جواز فعل ذلك وأنه اعتداء بغير حق ، وأن هذا الأمر من الظلم الذي
حرمه الله سبحانه وتعالى وقد أشار آنفا لذلك المفهوم شيخ الإسلام ابن تيميه
- رحمه الله - ، هذا وقد تعرضت لهذه المسألة في كتابي الموسوم ( منهج
الشرع في بيان المس والصرع ) تحت عنوان ( طريقة علاج البيوت المسكونة ) 0
تقول
صاحبة كتاب " عالم الجان من خلال القرآن والأحاديث الشريفة " : ( وغالباً
ما يوجد الجن في محال النجاسات والقاذورات كمحلِّ نحو الإبل ، والحمامات ،
والمراحيض ، والمزابل ، والأماكن الموحشة : كالأودية والقبور ، ومواضع
القتلى ، وبيوت الأصنام ، والكنائس ، والديورة ؛ فقد كانت الجن تدخل في
الأصنام وتخاطبهم ومن ثمَّ جاء النهي عن الصلاة في تلك الأماكن لأنها مأوى
الشياطين ومن مساكنهم الجحر ؛ ومن ثمَّ كره البول فيه 0 وعلل بأنه مسكن
الجن ، وكذا البحر ليلاً ؛ ومن ثَمَّ كره البول فيه كذلك ) ( نقلاً عن كتاب
" عالم الجان من خلال القرآن والأحاديث الشريفة " – ص 65 – 66 ) 0
قال صاحبا كتاب " طارد الجان " : ( وصرع الجن للإنس هو لأسباب ثلاثة :
* تارة يكون الجني يحب المصروع فيصرعه ليتمتع به ، وهذا الصرع يكون أرفق من غيره وأسهل 0
*
وتارة يكون الإنسي آذاهم إذا بال عليهم ، أو صب عليهم ماء حاراً ، أو يكون
قتل بعضهم أو غير ذلك من أنواع الأذى ، وهذا أشد الصرع ، وكثيراً ما
يقتلون المصروع 0
* وتارة يكون بطريقة العبث به كما يعبث سفهاء الإنس بأبناء السبيل ) ( طارد الجان – ص 17 ، 18 ) 0
وقالا
أيضاً في كتابهما " أفعال شيطانية " : ( من الأسباب التي تسبب المس
للإنسان : السحر والتسليط ، ودعاوى الجن الباطلة على الإنسان والعشق
والاستمتاع بين الإنس والجن ، والدقة والزار ، وذبح الذبائح قرباناً
للأسياد من الجن والعفاريت ، وإراقة الدماء على جسد المريض ، والعقد على
المعادن مثل الذهب والفضة والحديد وغيرها ، وهذا أخطر أنواع المس وعلاجه
نادر الحدوث ، وحمل الأحجبة ، وقراءة كتب السحر والدعاوى والأقسام 0
وقد
يتولد المس من العارض الذي يأتي عن طريق الخوف الشديد والرعب والطربة
والحسد والعين والنظرة ، وقد يتولد المس حينما يعرض الإنسان عن العبادة
والذكر ، وقد يتولد المس من أكل مال اليتيم ، أو التولي يوم الزحف ، أو من
أكل الربا ، أو من ارتكاب الجرائم والكبائر والآثام ، وقد يكون من شرب
الخمر والمخدرات والمشمومات والمشروبات الممنوعة والمحرمة ) ( أفعال
شيطانية – ص 9 ) 0
وتلك قصة تعتبر واقعا مشاهدا لإيذاء الأرواح الخبيثة للإنس بسبب الإيذاء دون قصد يذكر :
فتاة في
مقتبل العمر ، كانت في رحلة نقاهة ونزهة في ربوع المملكة مع أهلها وذويها ،
تقول الفتاة ، خرجت في ساعة متأخرة لقضاء الحاجة ، وما كان مني إلا أن
ارتطمت قدماي بوتد من أوتاد الخيمة التي نقطنها ، وقعت من فوري ، ولم أشعر
بنفسي بعد ذلك ، بعدها بفترة استيقظت وأصبحت تنتابني آلام وأوجاع متنقلة ،
كما أصبحت أشعر بتعب وخمول شديدين ، وبعد رقية الفتاة تبين أنها تعاني من
صرع الأرواح الخبيثة ، وقد نطق الجني الصارع على لسانها ، وتبين أن السبب
الرئيسي لصرعها واقترانه بجسدها هو الإيذاء بسبب واقعة الخيمة المشار إليها
، وقد من الله سبحانه وتعالى على الفتاة بالعافية وقدر الله خروج ذلك
الجني بعد أن تم إيضاح بعض الأمور المتعلقة بالعقيدة والظلم ونحوه ، والله
تعالى أعلم 0
3)- وقد يكون عن عبث منهم وشر :
قال
شيخ الإسلام بن تيميه : ( 000 وقد يكون عن عبث منهم وشر بمثل ما يفعل
سفهاء الناس وهذا من أخف الأنواع ) ( مجموع الفتاوى – 19 / 40 ) 0
4)- وقد يكون ناتجا عن تسلطهم بواسطة السحرة والمشعوذين والكهنة والعرافين 0
قال
صاحبا كتاب " طارد الجن " : ( طالما أن للجن عالمه الخاص وللإنس عالمه
الخاص فلماذا يتحرش الجن بالإنس إلى درجة أن يدخل في جسده ويوقع به أشد
الضرر ، وهناك أسباب تجعل الجني يبذل قصارى جهده حتى يدخل الجسد وهذا ما
يطلق عليه مس الجني للإنس ثم ساقا الأسباب الداعية لتسلط الجن على الإنس
إلى أن قالا : أن يكون مكلفاً من أحد السحرة بذلك ) ( طارد الجان – ص 60 ) 0
5)- وقد يكون ناتجا عن الإصابة بالعين :
فيصرعون
الإنس نتيجة لذلك ، وهذا أمر مشاهد محسوس ، وقد وقفت على حديث ضعيف يدور
حول هذا المعنى ، إلا أن معناه صحيح والله تعالى أعلم ، والحديث رواه أبو
هريرة - رضي الله عنه – عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( العين حق يحضرها الشيطان وحسد ابن آدم )
قال
المناوي : ( فالشيطان يحضرها بالإعجاب بالشيء وحسد ابن آدم بغفلة عن الله
فيحدث الله في المنظور علة ، يكون النظر بالعين سببها فتأثيرها بفعل الله )
( فيض القدير – 4 / 397 ) 0
قـال
الشوكاني : ( يجوز رقية من به مس أو عين أو نحوهما ، لاشتراك ذلك في كون
كل واحد ينشأ عن أحوال شيطانية من إنسي أو جني ) ( نيل الأوطار – بتصرف – 8
/ 214 ) 0
يقول
الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – حفظه الله – في مقدمته للكتاب
الموسوم " كيف تعالج مريضك بالرقية الشرعية " للشيخ عبدالله بن محمد
السدحان : ( وقد أثبت بالتجربة الصادقة أن العين يتبعها شيطان من شياطين
الجن فيؤثر في المعين بإذن الله تعالى الكوني القدري ) ( كيف تعالج نفسك
بالرقية الشرعية ؟ - ص 5 ) 0
يعقب
الشيخ عبدالله السدحان على الحديث آنف الذكر فيقول : ( هذا الحديث أوله "
العين حق " صحيح رواه البخاري ( 10 / 203 ) أما بقيته " ويحضرها الشيطان
وحسد ابن آدم " فقد أخرجه أحمد في المسند ( 21439 ) بلفظ " يحضر بها " أي
معها وقد جاء أيضا بلفظ " يحضرها " وعزاه السيوطي في الجامع الصغير للكجي
في سننه من حديث أبي هريرة كما قال الترمذي وغيره 0 وقال الهيثمي ( 5 / 107
) : رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح 0 وعلى كل فمعناه صحيح ولا يخالف حديثاً
صحيحاً وتشهد له التجربة ويؤيده الواقع ومشائخنا على هذا المعنى فلله
الحمد والمنة 0
ثم
يقول : ( هذا الحديث الشريف يفيد أن كل إنسان حوله شياطين الجن يتربصون
الإيقاع به ، فكل إنسان معرض للحسد ، ولا يكاد أحد يسلم من العين إلا من
عصم الله ) ( كيف تعالج نفسك بالرقية الشرعية ؟ - ص 43 ) 0
وقال
أيضاً : ( ولأن غالب أمراض الناس سببها العين ، وأن معنى حديث " العين حق "
أي الوصف دون ذكر الله ( وهو سم اللسان ) وليس المراد آلة العين وإنما
عُبر بها لأنها الواصفة للواقع ، وحينئذ تنطلق الشياطين الحاضرة فتعمد إلى
إيذاء الموصوف بإذن الله ، ولأن هذا المفهوم الشرعي غير مسبوق فيما أعلم
حرصت كل الحرص على تأصيله شرعياً بالاستعانة بعد الله بمشائخنا ممن له
اختصاص في العقيدة وهي الأهم ، وتم عرض هذا المفهوم على شيخنا الفاضل محمد
العثيمين ، فأقره بحمد الله وذلك في فتوى عن طريق شريط تسجيل ) ( كيف تعالج
نفسك بالرقية الشرعية ؟ - ص 21 ) 0
ومن أدق وأبلغ ما كتبه ابن القيم في تفسيره للمعوذتين حيث حدد هذا الواقع وتكلم عنه وبين طبيعة الحاسد وعلاقته بالشيطان - حيث قال :
(
والشيطان يقارن الساحر ويقارن الحاسد ويحادثهما ويصاحبهما ، لكن الحاسد
تعينه الشياطين بلا استدعاء منه للشيطان ، لأن الحاسد شبيه إبليس وهو في
الحقيقة من أتباعه ، لأنه يسعى ويطلب ما يحبه الشيطان من فساد الناس وزوال
نعم الله عنهم كما أن إبليس حسد آدم لشرفه وفضله ، وأبى أن يسجد لآدم حسدا 0
فالحاسد من جنس إبليس وأما الساحر فهو يطلب من الشيطان أن يعينه ، بل إن
الساحر يعبد الشيطان ليقضي له حاجته والمقصود أن الساحر والحاسد كل منهما
قصده الشر ، لكن بطبعه ونفسه وبغضه للمحسود والشيطان يقترن به ويعينه ،
ويزين له الحسد ويأمره بموجبه ، والساحر بعلمه وكسبه وشركه واستعانته
بالشياطين ) ( تفسير المعوذتين – ص 39 ) 0
وقال
أيضا : ( فلهذا والله أعلم قرن في السورة - يعني سورة الفلق - بين شر
الحاسد وشر الساحر لأن الاستعاذة من شر هذين تعم كل شر يأتي من شياطين
الإنس والجن فالحسد من شياطين الإنس والجن والسحر من النوعين ) ( بدائع
الفوائد 2 / 232 ) 0
قال
الشوكاني : ( يجوز رقية من به مس ، أو عين ، أو نحوه ، لاشتراك ذلك في كون
كل واحد ينشأ عن أحوال شيطانية من إنس أو جن ) ( نيل الأوطار - 8 / 214 )
قال
الشيخ أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري : ( والعين وردت إليها الإشارة في
ثلاث آيات من القرآن الكريم ، وورد بها جملة أحاديث ، منها الصحيح لذاته ،
ومنها الصحيح لغيره ، وثبتت من تجربة البشر 0
ومن
أنكر العين ليس عنده برهان إلا عدم العلم بصلة النفس بالنفس ، وصلة الإنس
بالجن ، وعدم العلم ليس علما بالعدم ، وخالق النفوس والجن والإنس أعلم
بأثرهم 0
وكثيرا ما التصقت آثار العين بآثار الجن 00 ) ( تباريح التباريح – ص 93 ) 0
قلت :
ولا بد أن تكون كافة المجالس والأوقات التي تكرس للمعصية والأعمال الخبيثة
مرتعا خصبا للشيطان ، والحسد والعين مما يستأنس له الشيطان ، فيحضره ، وقد
ينفذ بإذن الله سبحانه إلى جسد الإنسان بقوة العين ، وهذا مما عايشته بنفسي
، وثبت تواتره عند المعالجين الثقاة ، وبعض الحالات التي تم علاجها كانت
الأسباب والدوافع لصرع الأرواح الخبيثة ، قوة عين الحاسد أو العائن ، والله
تعالى أعلم 0
وأذكر في سياق هذا الموضوع قصة ذكرها الأستاذ عبدالعزيز القحطاني تؤكد هذا الأمر حيث يقول :
(
بينما كنا نرقي طفلة مصابة بقراح في رجلها وجسدها فإذا هي قد تأثرت ، وقد
كنت متوقعاً ذلك والفضل لله وبحمده ، حيث القروح بدأت تدمل أثناء رقية
القرآن ، وبدأت الطفلة تتألم من القراءة ، ولا تريد ذلك 0 ثم بدأت تتكلم
كلام أكبر من سنها ، وكان ذويها يعتقدون بأن عين قد أصابت ابنتهم 0 وطلبت
الاغتسال لها إن كانوا قد عرفوا العائن 0 ويدل ذلك على إصابتها ثم زودتهم
بماء رقيه حتى يخفف عنها الألم وتتحسن حتى يخرج منها الخبيث الذي تسبب بهذه
القروح ، وأن تلتئم الجروح 0
وأن
الذي حدث أن الجن وافق كلمة المرأة العائنة التي ألقت كلمة على البنت قد
تكون بدون قصد دون أن تذكر الله وتبرك 0 فالتبس بها ، وكانت بدايتها قرحة
صغيرة انتشرت شيئا فشيئا ، وقد عرضت على بعض الأطباء ولكن دون جدوى بسبب
هذه القرحة ، ونسأل الله لها الشفاء ، حيث أنها بدأت تتماثل للشفاء والحمد
لله ، كذلك بعد ملازمة بعض المراهم الطبية ) ( طريق الهداية في درء مخاطر
الجن والشياطين – ص 72 ) 0
يقول الدكتور بدر عبدالرزاق الماص في كتابه " تلبس الجن بالإنس " عن أسباب صرع الأرواح الخبيثة :
( المس الشيطاني ظاهرة حقيقة مؤكدة ، ولكن هل للشياطين سلطة مس من يشاؤون من البشر وإيذائه دون حسيب أو رقيب أو سبب ؟!
الواقع
أن الشياطين كالميكروبات والجراثيم لا تؤثر إلا في حال ضعف الجسم ، ولقد
نبه القرآن الكريم إلى أن الشيطان لا يؤثر على عباد الله المخلصين ، قال
تعالى : ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ) ( سورة الحجر
– الآية 42 ) 0
قلت
تعقيباً على كلام الدكتور السابق : ( هذا الوصف للجن من حيث القدرة وليس
من حيث الكيفية ، وكذلك هذا الكلام لا يؤخذ على إطلاقه ، حيث أن أسباب
الصرع متفاوته ، وقد يكون اختبار وابتلاء للعبد الصالح من الله سبحانه
وتعالى ) 0
وهكذا
فإن غالبية من تطمع الشياطين في التأثير عليهم هم من ( الغاوين ) ، ويشمل
ذلك ضعاف الدين وكثيري الانحرافات السلوكية ، ونلخص فيما يلي بعض أسباب
المس :
1- بعد الإنسان عن ربه ، وانغماسه في المعصية ، فيكون قريباً من شيطانه مرافقاً له ، فيأتيه الشيطان ويبعده عن ربه 0
قال
تعالى : ( إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ
وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ) ( سورة النحل – الآية 100 ) 0
2-
ونسيان الإنسان ذكر ربه : وهو من أهم أسباب المس والصرع ، لأن خلو الجسد
والقلب والعقل من الذكر يجعل من اتصف بذلك لقمة سائغة للشيطان وأعوانه ،
وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى : ( نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ
أُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ ) ( سورة الحشر – الآية 19 ) ، ويقول
سبحانه وتعالى : ( وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَانِ نُقَيِّضْ لَهُ
شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنْ
السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ) ( سورة الزخرف – الآية
36 ، 37 ) 0
3-
والإفراط في الخلوة والوحدة الطويلة : من غير أن يفكر فيما يشغله ، ويعود
عليه بالنفع فيملأ عليه خلوته ، ومن غير أن يخطر على باله ذكر اسم الله
تعالى ، أو أن لا يكون عنده ورد يذكر فيه اسم الله ، أو لا يتعوذ ، كل هذه
الأمور تكون من الأسباب التي تؤدي إلى مس الجني للإنسي وتفرده به ، وإلى
هذا يشير ابن القيم فيقول : " وأكثر تسلط الأرواح الخبيثة على أهله تكون من
جهة قلة دينهم ، وخراب قلوبهم وألسنتهم، من حقائق الذكر والتعويذات
والتحصينات النبوية والإيمانية، فتلقى الروح الخبيثة الرجل أعزل لا سلاح له
معه ، وربما كان عرياناً فيؤثر فيه هذا " ) ( نقلاً عن كتاب " زاد المعاد "
- 4 / 69 ) 0
4-
تبرج المرأة وهي في أكمل زينتها : وقد أظهرت مفاتن جسمها ، مفتخرة بجمالها ،
متعالية متكبرة ، من غير أن يجري على لسانها وقلبها ذكر الله وشكره على ما
أعطاها من نعمه ، أو مستعيذة به سبحانه ، فإنها تكون عرضة للمس 0
5-
لما كان على المسلم أن يتعرف على كتاب الله وأن يقرأ آياته وسوره ، فإن
تخلى عن ذلك فإنه يكون عرضة للمس الشيطاني : وكذلك إذا كان غير مواظب على
الصلاة الواجبة في أوقاتها ، فإن التارك لها معرض للمس الشيطاني 0
6- كشف العورة في البيت دون ذكر اسم الله سبحانه وتعالى وذلك في الأحوال التالية :
أ-
أن تخفف المرأة ثيابها وتقف أمام المرآة في الحجرة وتسير ذهاباً وإياباً
مستعرضة نفسها ومفاتنها معحبة بنفسها وقد يكون هناك من الجن من يراها ،
فيعجب بها ويتعشقها وهو كثير 0
ب-
نوم الرجل أو المرأة خاصة في آيام الصيف بثياب خفيفة وأبدان عارية من غير
أن يمر ذكر الله قبل النوم على قلوبهم وألسنتهم وقد ورد في الحديث الشريف :
" ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم أن يقول الرجل المسلم إذا أراد أن
يطرح ثيابه : بسم الله الذي لا إله إلا هو " 0
ج-
دخول الخلاء للغسيل وللاستحمام دون ذكر الله تعالى قبل الدخول 000 والحديث
الوارد في هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء قال : "
اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث " ( السلسلة الصحيحة 1070 ) 0
د-
جماع الرجل أهله دون ذكر الله تعالى قبل الجماع ، وفي الصحيحين أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال : " لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال :
بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه إن قدر
بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان أبداً " ( صحيح الجامع 5241 ) 0
وهكذا فإن عدم ذكر الله تعالى في هذه الحالات وغيرها والبعد عنه تعالى ، تعرض الإنسان إلى عدوان الجن والشياطين عليه وتلبسهم له 0
لذلك
نرى أن على الإنسان أن يجري دائماً ذكر الله على لسانه وقلبه في جميع
الأماكن التي يرتادها ، وبخاصة الأماكن الخالية ، وهي الأماكن التي يعيش
فيها الجن 0
وكذلك
أن يلازم ذكر الله تعالى في جميع الأزمان ، فالله خير حافظاً وهو أرحم
الراحمين ) 0( مجلة الفرحة – العدد (42)– مارس سنة 2000 م– نقلاً عن كتاب
"تلبس الجن بالإنس" )
شاركنا رأيك وكن اول من يقوم بالتعليق :)[ 0 ]
إرسال تعليق